
· فصل : تفاوت الناس في تقبل المواعظ
قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة ، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القساوة و الغفلة ! فتدبرت السبب في ذلك فعرفته .
ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقظه عند سماع الموعظة و بعدها ، لسببين :
أحدهما : أن المواعظ كالسياط ، و السياط لا تؤلم بعد انقضاء إيلامها وقت و قوعها .
و الثاني : أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة ، قد تخلى بجسمه و فكره عن أسباب الدنيا ، و أنصت بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها ، وكيف يصح أن يكون كما كان ؟ .
و هذه حالة تعم الخلق إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر :
فمنهم من يعزم بلا تردد ، و يمضي من غير التفات ، فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا ، كما قال حنظلة عن نفسه : نافق حنظلة ! و منهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً ، و يدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً ، فهم كالسنبلة تميلها الرياح ! و أقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه ، كماء دحرجته على صفوان
.
· فصل : جواذب النفس بين الدنيا و الآخرة
جواذب الطبع الى الدنيا كثيرة ، ثم هي من داخل ، و ذكر الآخرة أمر خارج عن الطبع من خارج و ربما ظن من لا علم له أن جواذب الآخرة أقوى ، لما يسمع من الوعيد في القرآن ، و ليس كذلك ، لأن مثل الطبع في ميله إلى الدنيا ، كالماء الجاري فإنه يطلب الهبوط ، و إنما رفعه إلى فوق يحتاج إلى التكلف .
و لهذا أجاب معاون الشرع : بالترغيب و الترهيب يقوي جند العقل . فأما الطبع فجواذبه كثيرة ، و ليس العجب أن يغلب ! إنما العجب أن يغلب
.
· فصل : البصر في العواقب
من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها ، نال خيرها ، و نجا من شرها . و من لم ير العواقب غلب عليه الحسن ، فعاد عليه بالألم ما طلب منه السلامة ، و بالنصب ما رجا منه الراحه .
و بيان هذا في المستقبل ، يتبين بذكر الماضي ، و هو أنك لا تخلو ، أن تكون عصيت الله في عمرك ، أو أطعته . فأين لذة معصيتك ؟ و أين تعب طاعتك ؟ هيهات رحل كل بما فيه !
فليت الذنوب إذ تخلت خلت !
و أزيدك في هذا بياناً مثل ساعة الموت ، و انظر إلى مرارة الحسرات على التفريط ، و لا أقول كيف تغلب حلاوة اللذات ، لأن حلاوة اللذات استحالت حنظلا ، فبقيت مرارة الأسى بلا مقاوم ، أتراك ماعلمت أن الأمر بعواقبه ؟ فراقب العواقب تسلم ، و لا تمل مع هوى الحسن فتندم .
10 التعليقات:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أنا العبد...أخي العبد.
أرجو من الرب أن يحررنا من عبوديه غيره الي عبوديه الرب ...نعم الخيار ما اخترت من كتاب لأستاذ نحسبه علي خير ونطلب من الله الرحمه لنا وله . قواك الله أخي الكريم علي الصبر و المثابره في كسب الدار الآخره .
بارك الله فيكي وجعلك عبدا لله صالحا دائما و أبدا.
السلام عليكم
رحم الله شيخنا الجليل
فقد كان علامة عصره
وجعله الله فى ميزان
حسناتك فى إختيارك
لهذا الموضوع القيم
خالص تقديرى
وجدت صعوبه بالغه في فهم وتحصيل المقصود من كثير من عبارات المقاله
لذلك ارجو ان تصيغ المقصود منها في اسلوب
يفهمه المبتدئين في العلم امثالي
ويمكن ايضا ان تضع النص الاصلي
واسفله تضع رؤيتك وفهمك للموضوع
اعتقد ستكون
الفائده اعم واشمل
دمت بكل الفضل والخير
شرفت بمرورك الكريم
رئيس التحرير
جزاك الله خيرا كثيرا
اللهم اجعلنا فى ظلك يوم لاظل الا ظلك
نعم الاخ ومرور كريم
كلمات من نور
امين واياكم اختى الكريمه
اعزكى الله ورفع قدرك
اللؤلؤة
جزاكم الله خيرا كثيرا
ونفعنا واياك بما قدم علماؤنا الاجلاء
ebn roshd 777
ملاحظتك هذه على راسي
واغفر لى هذا الخطا وهذه الصعوبه وجاك الله خيرا على النصيحه
السلام عليكم
ربنا يجزيك كل خير
كلمات رائعة انتقيتها لابن الجوزي
وخاصة التي تصف حال الناس وفي تقبل المواعظ
يصف احوالنا وصفا دقيقا
اعجبتني الكلمات جدا
وتشدنا لنفكر من اي انواع الناس نحن
جعلنا الله من الهادين المهتدين
تحياتي
سمسم/سما
جزاك الله خيرا
نفعنا الله واياكم وجعلنا من الهادين المهتدين غير ضالين ولامضلين اللهم امين
إرسال تعليق